في عصر التكنولوجيا والتطور الحديث لا تنحصر أهمية التشخيص فى تحديد المرض فقط ، بل أصبحت دقة وسرعة التشخيص أمراً حاسمًا لإنقاذ بعض الحالات قبل فوات الاوان ، وتعتبر تقنية أشعة الدوبلر من أهم تلك الوسائل التي أحدثت ثورة في فحص وتشخيص الأمراض الخاصة بالأوعية الدموية ، التي ساعدت الأطباء على رؤية دقيقة لتدفق الدم داخل الأوردة والشرايين لحظة بلحظة دون تدخل جراحي ، ويتم استخدام تلك التقنية بشكل موسع داخل المستشفيات ومراكز الأشعة للكشف عن المشاكل الخطيرة كـ الجلطات الوريدية، و انسداد الشرايين، والدوالي، وغيرها من الاضطرابات التي قد تُؤدي إلى مضاعفات أكثر خطورة إذا لم يتم اكتشافها وتشخيصها بشكل دقيق في الوقت المناسب ، فما مدى أهمية أشعة دوبلر على الشرايين والاوردة ، وماهى انواعها ، وآلية عملها ، والمزايا والعيوب الخاصة بها ، هذا ما سوف نناقشه خلال السطور القادمة ، فتابعوا القراءة اعزائي .
ما هي أشعة الدوبلر
توضيح أشعة دوبلر أو Doppler Ultrasound بشكل مبسط ، هي عبارة عن نوع من الموجات فوق الصوتية أو Ultrasound المتخصصة في عمل تقييم لتدفق الدم داخل الأوعية الدموية، سواء الأوردة أو الشرايين في جميع مناطق الجسم ، حيث ترجع تلك التقنية إلى مبدأ فيزيائي يعرف بـ ظاهرة دوبلر، والتي ينص على أن التردد الذي تصدره الموجات الصوتية يتغير عند انعكاسه من جسم متحرك ، و في حالة دوبلر الجسم المتحرك هو تلك الخلايا الحمراء بالدم التي تسري داخل الأوعية ، حيث يقوم هذا الجهاز بإرسال موجات صوتية ذات تردد عالى إلى المنطقة المراد فحصها ، ثم تنعكس الموجات على كرات الدم المتحركة الموجودة بـ داخل الأوعية ، ومن خلال تحليل هذا الانعكاس يتم تحديد اتجاه وسرعة الدم بدقة عالية، وهو الأمر الذي لا توفره تقنيات الموجات فوق الصوتية التقليدية.
ما أهمية هذه التقنية
تعد أهمية أشعة دوبلر كبيرة جداً ، نظراً لأن مشاكل الأوعية الدموية من الوارد أن تكون صامتة وخطيرة في ذات الوقت ، مثل أعراض الجلطات الدموية بالساق دون أى مؤشرات مسبقة ، ولكن عند اجراء فحص الدوبلر فإنه يتمكن من اكتشاف الجلطات مبكراً قبل أن تتحرك إلى الرئة وتتسبب في انسداد رئوي خطير ، بالاضافة الى استخدامها في تقييم حالة الشرايين لمرضى داء السكري الذين يعانون من ضعف الدورة الدموية في منطقة الأطراف، وهو ما يساعد في تجنب بتر القدم في الحالات الأكثر تقدماً .
أنواع أشعة دوبلر
هناك عدد من أنواع فحص الدوبلر،مختلفين فى الاستخدام حسب الغرض من عمل الفحص ، وهما كالتالى :
الدوبلر الملون
يتم استخدام الدوبلر الملون أو Color Doppler ليستعرض تدفق الدم داخل الأوعية على شاشة الجهاز عبر استخدام ألوان مختلفة تشير لاتجاه وسرعة تدفق الدم ، وعادة ما يشير اللون الأحمر إلى الدم المتجه نحو المجس، أما الأزرق فيشير للمتجه بعيدًا عنه ، ويتم استخدامه بشكل عام لتحديد مناطق الانسداد أو التدفق غير المنتظم .
دوبلر الطاقة
يستخدم دوبلر الطاقة أو Power Doppler ، لرؤية أكثر حساسية من الدوبلر الملون، وهو يستخدم في الحالات التي تعانى من الضعف بتدفق الدم ، مثل الأوردة الضيقة أو الأوعية الدقيقة.
الدوبلر الطيفي
يتميز فحص الدوبلر الطيفى أو Spectral Doppler ، فى أنه يعطي بياناً دقيقًا يوضح مدى سرعة تدفق الدم عبر الوعاء الدموي بمرور الوقت ، ويتم استخدامه لقياس شدة التضيقات أو الانسدادات فى حالات عديدة .
دوبلر الموجات المستمرة
يُستخدم دوبلر الموجة المستمرة أو Continuous Wave Doppler ، للتمكن من عمل تقييم لتدفق الدم في مناطق ذات سرعات مختلفة وعالية، وغالبًا ما يتم استخدامه في تقييم كفاءة صمامات القلب والشرايين وبالاخص الكبيرة منها .
ماهى استخدامات أشعة الدوبلر على الشرايين والأوردة
يعد فحص دوبلر بمثابة أداة تشخيصية حاسمة في العديد من الحالات مختلفة الأعراض ومختلفة الخطورة، ومن أهمها:
أولًا: فحوصات الشرايين
الشريان السباتي
يقع الشريان السباتي أو Carotid Arteries ، في محيط منطقة الرقبة وهو الذي يضخ الدماء إلى الدماغ ، ويستخدم فحص دوبلر للكشف عن التضيقات التي قد تتسبب فى السكتات الدماغية.
الشرايين الطرفية
يتم فحص الشرايين الطرفية أو Peripheral Arteries ، من خلال فحص الدوبلر وتشخيص أمراض الشرايين المحيطية PAD، وهو الذي يصيب شرايين الأرجل وينتج منه آلمًا أثناء الحركة والمشي مع برودة في القدمين، وفي بعض الحالات المتقدمة قد يُؤدي إلى الاصابة بالغرغرينا.
الشريان الأورطي
من الفحوصات الهامة هى الشريان الأورطى أو Aortic Doppler ، بالاخص في منطقة البطن للتمكن من تقييم وجود تمدد الشريان الأورطي البطني AAA ، وهو يعد مرض خطير إذا لم يتم اكتشافه بشكل مبكر.
شرايين الكلى
في بعض الحالات المصابة بإرتفاع ضغط الدم المقاوم للأدوية، يتم استخدام هذا الفحص للكشف عن التضيقات في الشرايين الكلوية.
ثانيًا: فحوصات الأوردة
الأوردة العميقة في الساق
يتم الاستعانة بفحص الدوبلر للأوردة العميقة بالساق DVT ، للكشف عن الجلطات الموجودة بها ، وهي تعتبر حالة طارئة يمكن أن تؤدي إلى انسداد رئوي خطير إذا وصلت الجلطة للرئتين.
أوردة الساق السطحية
تقييم الصمامات الوريدية أو الدوالي ، وذلك لبحث مدى وجود ارتجاع وريدي، وهو ما يساعد في اتخاذ قرار العلاج الجراحي أو الليزري بشكل مؤكد وسليم .
أوردة الذراع
وهو أمر خاص بمرضى الغسيل الكلوي ، وذلك للتأكد من مدى صلاحية الوصلات الوريدية أو الناسور الشرياني الوريدي قبل استخدامها في جلسات الديال الدموي.
متى يفضل اجراء فحص دوبلر الشرايين والأوردة
هناك عدد من الحالات الخاصة التي قد يطلب الطبيب فيها إجراء فحص دوبلر في للتمكن من التشخيص السليم دون مشاكل أو مضاعفات محتملة ، ومنها :
- الشعور بتنميل أو برودة في الأطراف
- ملاحظة ظهور دوالي مرئية أو بارزة بالقدم والفخذ
- الشعور بألم أو ثقل مستمر في القدمين
- تورم أحدي الأطراف دون سبب واضح
- فى حالة الإصابة بجلطة دموية مسبقاً
- لمراقبة تدفق الدم بعد عملية زراعة الدعامات أو عند تركيب وصلة شريانية وريدية
- عند الاستعداد لإجراء عملية جراحية خاصة بالأوعية الدموية
طريقة أجراء الفحص
يتم اجراء فحص الدوبلر بشكل بسيط جداً وغير مؤلم، وهو يتم غالبًا داخل العيادات أومراكز الأشعة المختصة ، وتكون عبر خطوات متتالية ومنظمة ، كالتالي:
- يطلب الطبيب من المريض أن يستلقي على سرير الفحص في وضعية مناسبة حسب المنطقة المراد فحصها.
- يقوم بوضع جل شفاف على الجلد لتسهيل الحركة وتمرير مجسات الموجات الفوق صوتية.
- يقوم بتمرير المجس أو Probe على المنطقة المراد فحصها بعناية .
- يتابع الصور الظاهرة على شاشة الجهاز، ويطلب من المريض الحركة أو التنفس بعمق أو تغيير وضعية الجسم للحصول على رؤية مناسبة وتفصيلية أكثر .
- وقت إجراء فحص أشعة دوبلر على الشرايين والاوردة خلال من 15 لـ 45 دقيقة تقريباً حسب الحالة.
هل فحص الدوبلر يحتاج إلى تحضيرات مسبقة؟
بشكل عام لا تتطلب فحوصات الدوبلر الى اى تحضيرات خاصة مسبقة ، ولكن هناك بعض الحالات كـ فحص الشريان الأورطي أو الكلوي، قد يحتاج الى صيام يبدأ من 6 لـ 8 ساعات حسب الحالة الصحية ، مع الامتناع عن التدخين فى صباح اليوم نظراً لتأثيره على تضييق الأوعية ، ويفضل ارتداء ملابس فضفاضة تسهل من الحركة والوصول للمنطقة المراد فحصها بسهولة .
كيفية تحليل نتائج الفحص وكشف منطقة الإصابة
يتم تحليل النتائج بناءً على عدة مؤشرات قبل زيارة الطبيب المختص وتحديد العلاج المناسب ، وهى كالتالى:
- بالنسبة لاتجاه التدفق ، إذا كان الدم يسير في الاتجاه الخاطئ فذلك يشير إلى وجود مشكلة خاصة بـ الصمامات الوريدية.
- يتم قياس سرعة تدفق الدم بمقاييس دقيقة جداً ، فإذا كانت سرعة عالية فذلك قد يشير إلى تضيق، وإذا كانت بطيئة فهذا قد يدل على وجود جلطة أو انسداد.
- فى حالة ملاحظة وجود ارتداد دموي ، غالبا ما يكون خاص بحالات دوالي الساقين.
مميزات إجراء أشعة دوبلر الشرايين والأوردة
- لا يتم استخدام الإشعاعات فيها ، وبالتالي تعد آمنة لفئة الحوامل والأطفال.
- إجراء غير مؤلم ولا يحتاج الى تخدير.
- لا مانع من تكرار إجرائها عدة مرات لمتابعة تطور واستجابة الحالة.
- نتائجها سريعة و فورية لا تحتاج الى انتظار طويل .
- تساهم في قرارات مصيرية مثل توقيتات الجراحة أو التدخلات العلاجية.
هل فحص الدوبلر يحمل أي خطورة
بشكل عام لا توجد أي خطورة تذكر من إجراء الفحص ، ولكن هناك بعض المرضى الذين قد يشعرون بانزعاج بسيط بخصوص ضغط المجس على المنطقة المصابة أو المتورمة أثناء الفحص ، ولكن لاقلق من أي مضاعفات للفحص حتى فى حالة الاستخدام المتكرر.
في النهاية
تعتبر أشعة دوبلر على الشرايين والأوردة ليست فحص روتيني فحسب ، ولكنها تعد بمثابة وسيلة حيوية لإنقاذ الأرواح ، بالاضافة الى المساعدة فى عمل تشخيص دقيق لحالات غير واضحة الأعراض وهي التي قد تؤدي إلى الانتقال إلى مراحل أكثر خطورة ، وبما أن الفحص آمن وسريع ، فلا ينبغي تجاهل إجرائه عند الاشتباه بأي اضطرابات خاصة بالدورة الدموية ثم زيارة الطبيب المختص ، فـ سلامتك تستدعي الاهتمام والعناية اللازمة دوماً .
